الجمعة، 11 أغسطس 2023

 إيلون ماسك يوفّر الإنترنت لقبيلة منعزلة في الأمازون

 إيلون ماسك يوفّر الإنترنت لقبيلة منعزلة في الأمازون


مجموعة ماتسيه من السكان الأصليين


أحرزت مجموعة ماتسيه من السكان الأصليين، وهي من بين أكثر المجموعات عزلة في منطقة الأمازون بالبرازيل، تقدماً كبيراً نحو الحداثة مع وصول شبكة نظام "ستارلينك" للأقمار الاصطناعية والتي يتملكها الملياردير الامريكي إيلوم ماسك.

في منطقة بعيدة في الأمازون البرازيلية، يستخدم فرد من مجموعة سكان أصليين شبكة تيك توك للمرة الأولى.. وتُسَمع فجأة ضحكات هذا الرجل الموشوم برسوم مُشابهة لجلد نمر الجاغوار بعد مشاهدته مقطع فيديو مُعنون "لو كنتُ غنياً".

وأخيراً، أحرزت مجموعة ماتسيه من السكان الأصليين، وهي من بين أكثر المجموعات عزلة في منطقة الأمازون، تقدماً كبيراً نحو الحداثة مع وصول شبكة نظام "ستارلينك" للأقمار الاصطناعية التي توفّر خدمة الاتصال القمري بالإنترنت والتي طوّرتها شركة "سبايس إكس" التابعة للملياردير الأميركي إيلون ماسكوفي قرية نوفا إسبيرانسا الواقعة في وادي جافاري، ركِّب صحن لاقط يعمل بالطاقة الشمسية على سطح إحدى المدارس.

وستُتاح شبكة الإنترنت للسكان المئتين في هذه القرية التي تبعد أكثر من 500 كيلومتر وثلاثة أيام بالزورق عن أي منطقة حضرية، في امتياز يُمنَح للمنطقة الواقعة في شمال غرب البرازيل على الحدود مع البيرو وكولومبيا.

ومجموعة ماتسيه هي إحدى المجموعات السبع "التي يتواصل أفرادها مع الخارج" في جافاري، ثاني أرض تابعة للشعوب الأصلية في البرازيل مع مساحة تبلغ 8.5 ملايين هكتار وحيث تعيش 19 مجموعة من السكان الأصليين في عزلة طوعية.

ويعود تاريخ أول اتصال طويل لمجموعة "ماتسيه" بالحداثة إلى سبعينات القرن الفائت. وأفراد هذه المجموعة معروفون بالوشوم وأكسسوارات الوجوه المصنوعة من العظام والعاج. ورغم وجود بعض المؤشرات الدالة على تكيّفهم مع العالم الحديث، لا يزال أفراد ماتسيه يمضون وقتهم في الصيد أو الغناء أو الرسم على الأجسام.

ويقول بيني مايورونا، رئيس المنظمة العامة لمجموعة ماتسيه التي تتخذ مقراً لها في أتالايا دو نورتيه، إن الإنترنت سيتيح لأفراد المجموعة التواصل بسهولة أكبر مع سكان مختلف القرى، وتجنب تالياً إجراء رحلات طويلة عبر زوارق آلية. ويشير إلى أن "نوفا إسبيرانسا بعيدة جداً والوصول إليها صعب والتواصل مع سكانها كذلك". وتتولى بلدية أتالايا دو نورتيه تمويل إنشاء الشبكة، في مبادرة قد تُحدث ثورة في حياة هؤلاء السكان وثقافتهم التي طالتها الحداثة أصلاً.

صحة وتعليم

يرى سيزار مايورونا، وهو عضو البلدية الوحيد من سكان أتالايا دو نورتيه الأصليين، أن الهدف من إتاحة الإنترنت للمجموعة الأصلية هو تحسين المجال التعليمي. ويقول: "باتت لدينا أحلام مستقبلية تتمثل في أن نصبح قادرين على تدريب مهندسين مدنيين وجيولوجيين ومعماريين ومحامين وممرضين".

ويُفترض أن تُتيح الإنترنت مقارنة بالراديو الوحيد الموجود في القرية، رعاية أفضل لحالات الطوارئ الصحية التي غالباً ما تكون ناجمة عن لدغات أفاع يتعرّض لها الأشخاص. وفي هذا السياق يقول فابيو رودريغيز، وهو ممرض في سيساي التي تشكل الهيئة الصحية للسكان الأصليين: "أحياناً لا يعمل الراديو مع عدم وجود بطارية أو لوح شمسي".

وعلى ضفاف نهر جافاري حيث ينتشر الصيادون غير الشرعيين وتجار المخدرات والقراصنة الذين يهاجمون السكان الأصليين باستمرار، قد تعزز شبكة الإنترنت الأمن. واستفاد المجرمون بدورهم من الإنترنت، فبين فبراير ومطلع يوليو، صادرت وكالة البيئة البرازيلية "إيباما" 11 علبة معدات لستارلينك من عمال مناجم غير شرعيين في محمية يانومامي على مسافة نحو 1400 كيلومتر شمال شرق جافاري.

ولأسباب أخرى، لا يخفي أفراد مجموعة ماتسيه قلقهم من إتاحة الإنترنت في منطقتهم. وبمجرد تركيب الصحن اللاقط، دعا المسنون في المجموعة إلى اجتماع طارئ قرروا خلاله قطع الإنترنت مساء عن السكان باستثناء المعلمين والموظفين الصحيين والمسؤولين.

ويقول بيني مايورونا إن "الإنترنت يجعل الشباب غير مهتمين بالنشاطات التقليدية، ويحجمون عن مساعدة أمهاتهم في قطف المحاصيل، إذ لا يذهبون إلى الحقول بسبب انشغالهم بالهواتف المحمولة التي يستخدمونها لمشاهدة مقاطع الفيديو، وهذا أمر مقلق جداً".

وفي أوّل ليلة أُتيح فيها الإنترنت في القرية، استفاد السكان من اتصال جيّد بالشبكة لساعتين مع سماعهم رسائل صوتية ومشاهدتهم مقاطع فيديو عبر تيك توك ويوتيوب. ووعدت بلدية أتالايا دو نورتيه التي تتولى إدارة الاشتراكات في الشبكة، بتوفير الإنترنت لقرى السكان الأصليين الثانية والستين التي "تتواصل مع العالم الخارجي" بحلول نهاية العام، مما سيعود بالمنفعة على 6000 شخص.

لكنّ بعض أفراد ماتسيه بدأت تراودهم أسئلة بينها طريقة تفكير إيلون ماسك وماذا سيفعل بالبيانات التي ستُجمَع. فإذا كان ثمة أمر واحد يفهمه السكان الأصليون عن المجتمع الغربي، هو أن "الأشخاص البيض لا يوفرون أي شيء مجاني مطلقاً"، على قول أحد المسنين في القرية