كيف يغير مشروع "رأس الحكمة" شكل الاقتصاد المصري؟
قال المتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء، المستشار محمد الحمصاني، إن مشروع تنمية مدينة رأس الحكمة، هو مشروع تنموي ضخم باستثمارات تبلغ 35 مليار دولار، وتصل الاستثمارات المتوقعة جراء تنفيذ المشروع على السنوات المقبلة إلى 150 مليار دولار.
وأضاف في تصريحاته:
المشروع يُوِّفر سيولة نقدية ضخمة لمصر، وبما يمكن الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي من ضبط سوق الصرف الأجنبي في مصر وضبط سعر الصرف. وسيُوفر المشروع مئات الآلاف من فرص العمل، سواء بصورة مباشرة في المشروع ذاته أو بصورة غير مباشرة من خلال الشركات والمصانع المصرية التي سوف تشارك في تنفيذ المشروع.
تنمية مدينة رأس الحكمة، مشروع تنموي عمراني ضخم يتضمن منشآت سياحية ومنطقة حرة للصناعات التكنولوجية الخفيفة، كما يتضمن حي المال والأعمال على مستوى عالمي. كما يتضمن المشروع إنشاء مارينا سياحية عالمية، وكذلك إنشاء مطار جنوب مدينة رأس الحكمة، لخدمة المدينة.
وشدد على أن توافر العملة الأجنبية، يساعد مصر في الوفاء باحتياجاتها في الطلب على النقد الأجنبي من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن الـ35 مليار دولار منها 11 مليار دولار كانت وديعة إماراتية لدى البنك المركزي المصري سوف يتم تحويلها على قسطين إلى الجنيه المصري لاستخدامها في تمويل المشروع، وبالتالي سيتم خصمها من الديون التي كانت قائمة على الدولة.
كما أكد المتحدث باسم الحكومة المصرية، على أن ضبط سعر الصرف سيؤدي إلى القضاء على السوق الموازية، وكذلك ضبط أسعار عديد من السلع، خاصة السلع التي تتضمَّن مكوِّنًا أجنبيًّا وبالتالي سينعكس ذلك إيجابيًّا على أسعار السلع وجميع مكونات ومدخلات الإنتاج.
استثمارات المشروع
وكان رئيس مجلس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، قد أكد أن: الشق المالي يتضمن استثمارا أجنبيا مباشرا يدخل للدولة المصرية في ظرف شهرين بإجمالي 35 مليار دولار سيتم تقسيمها على دفعتين.
الدفعة الأولى خلال أسبوع بقيمة 15 مليار دولار والدفعة الثانية بعد شهرين من الدفعة الأولى بإجمالي 20 مليار دولار.
الدفعة الأولى: ستكون مقسمة إلى 10 مليار دولار تأتي كسيولة من الخارج مباشرة بالإضافة إلى تنازل دولة الإمارات أو مجموعة أبوظبي القابضة عن جزء من الودائع التي كانت موجودة في البنك المركزي.
وبعد ذلك بشهرين، ستدخل 20 مليار دولار عبارة عن 14 مليار سيولة مباشرة بالإضافة إلى الجزء المتبقي من الودائع.
وبذلك نحن نتحدث عن 24 مليار سيولة مباشرة ستدخل بالإضافة إلى الـ11 المليار الذين كانوا ودائع سيتم تحويلهم في البنك المركزي إلى الجنيه المصري.
توفير السيولة
وفي السياق، تضمنت مذكرة لغولدمان ساكس، كتبها المحلل الاستراتيجي من لندن، فاروق سوسة، ملاحظات فورية على الاتفاق: إن حجم الاستثمار أكبر بكثير مما كنا نتوقعه، وتوقيته أقرب بكثير.
إذا تم تنفيذ التمويل كما هو مخطط له، فإننا نعتقد بأن هذا (إلى جانب برنامج موسع لصندوق النقد الدولي) من شأنه أن يوفر سيولة كافية لتغطية فجوة التمويل في مصر على مدى السنوات الأربع المقبلة كما هو متوقع في تحليلنا الأخير لاحتياجات التمويل ومصادره.
علاوة على ذلك، من المفترض أن يوفر تدفق العملات الأجنبية للبنك المركزي المصري سيولة كافية لتسوية تراكم العملات الأجنبية وتصفية سوق العملات الأجنبية في الأيام أو الأسابيع المقبلة.
قد ينطوي ذلك على بعض التخفيض في سعر الصرف الرسمي، ولكننا نعتقد بأن حجم أي تخفيض في قيمة العملة من المرجح أن يكون متواضعاً نسبياً مقارنة بأسعار السوق الحالية نظرا لموارد العملات الأجنبية التي ستكون متاحة للسلطات المصرية (وفي النظام النقدي).
توقعاتنا بحدوث انخفاض حاد في طلب المضاربة/التحوط على العملات الأجنبية في الاقتصاد المصري على خلفية الاستثمار المعلن.
خلاصة القول، نعتقد بأن هذا الإعلان يشجع الجنيه المصري ويتيح فرصة لمصر لاستعادة السيولة في الاتجاهين في سوق العملات الأجنبية خلال الأيام والأسابيع المقبلة.
تفاؤل
من جانبه، اتفق مستشار البنك الدولي، الدكتور محمود عنبر، في تصريحات خاصة لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية" مع توقعات "غولدمان ساكس"، لكنه في الوقت نفسه حذر من تأثيرات التغيرات الجيوسياسية المحيطة بالمنطقة وبالعالم أجمع لما لها تأثير مباشر على الاقتصاد العالمي.
• وجود فجوة ما بين السعر الرسمي وغير الرسمي للعملة يعتبر كارثة لأي اقتصاد؛ لأنه ينتج عنه فقدان مصادر متعددة للعملة الصعبة كتحويلات العاملين في الخارج، كما أنه يسهم في فقدان ثقة المستثمرين في الاقتصاد.
• تدخل الدولة كان حتمية ضرورية لتثبيت سعر الصرف ولإيصال رسالة للعالم في ظل حالة عدم الثقة التي تحيط بكل الدول والتي أثرت في مجملها على حجم الاستثمارات عالميًا.
• تدخل البنك المركزي في سعر الصرف خلال الفترات الماضية كان بمثابة المسكن للاقتصاد وليس العلاج لأن العلاج الحقيقي للمشكلة الاقتصادية في مصر هو زيادة الإنتاج سواء عبر الاستثمار المحلي أو الاستثمار الأجنبي المباشر. وتعتبر تلك الاتفاقية متنفساً يعطي زخماً واسعاً للاقتصاد المصري، وبما يسهم في التخفيف من أزمة العملة الأجنبية التي عانت منها البلاد لفترة طويلة.
قُبلة الحياة
ويقول مدير مركز رؤية للدراسات الاقتصادية، بلال شعيب، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": إنه مع شح العملة في الفترة الماضية ظهرت على السطح عملية الدولرة بشكل كبير في ظل رغبة المواطنين في الحفاظ على قيمة مدخراتهم من آثار التضخم، حيث نتج عن ذلك تدهور مؤشرات الاقتصاد الكلي وهو ما دفع مؤسسات التصنيف الدولية إلى خفض تصنيف مصر الائتماني ، وهذا ما أثر على قدرة الدولة في تدبير تمويل قصير أوحتى متوسط الأجل لتلبية احتياجات الدولة من الدولار ولتغطية العجز الموجود في الموازنة.
وأكمل شعيب أن هذا الاستثمار المباشر في مصر سيدعم الدولة بسيولة مالية تبلغ 24 مليار دولار، هذا يأتي بالتزامن مع استحقاقات الدائنين على مصر خلال 2024 والمقدرة بنحو 32.8 مليار دولار والتي تعادل نحو 20 بالمئة من إجمالي الديون الخارجية للبلاد، ديون متوسطة وطويلة الأجل مستحقة خلال 2024.
ويتوقع شعيب أن يتم رفع التصنيف الائتماني لمصر خلال الفترة المقبلة، إذا ما أضفنا إلى ذلك إتمام صفقة صندوق النقد الدولي، بالتالي فإن الاقتصاد بهذه الصفقة قد حصل على ما يسمى بـ "قبلة الحياة" من جديدة.
نتائج إيجابية
من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي مصطفى بدره، أن هذه التوقعات التي قدمها غولدمان ساكس "هي توقعات حقيقية ومبشرة"؛ لأن هذه الصفقة ستحرك جزءاً كبيراً من اقتصاد مصر وسيكون لها مردود إيجابي على عديد من الأوضاع الاقتصادية في البلاد، على النحو التالي:
أولا سعر الصرف في السوق الموازية والذي شهد تراجعاً ملحوظاً منذ الإعلان عن الصفقة، حيث انخفض بنسبة 20 بالمئة من أعلى سعر بلغه في الفترة الماضية.
ثانيا انخفاض أسعار الذهب سواء على مستوى البيع والشراء، خصوصاً وأن الذهب كان يقيم الدولار بسعر مرتفع.
ثالثًا ارتفاع قيمة السندات المصرية في الأسواق العالمية.
رابعاً وفرة السيولة من الصفقة تسهم بشكل كبير في خروج مستلزمات الإنتاج من الموانىء ومن ثم سيتبع ذلك انخفاض معدل التضخم.
خامساً عودة تشغيل المصانع من جديدة وبالتالي سيتم القضاء على مشكلة تباطؤ الإنتاج.
سادساً الصفقة تدعم مصر في مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولي.